قال الدكتور عبد اللطيف درويش، أستاذ الاقتصاد بجامعة كارديف، إن الدولار الأمريكي يواجه تحديات حقيقية في الفترة القادمة، داعيًا المستثمرين إلى التفكير في التخلي عن الدولار عالميًا.
وذلك في ظل "إدارة أمريكية ضعيفة" للخلافات المتصاعدة مع الصين وتفاقم أزمة الدين العام الأمريكي.
توقعات بهبوط الدولار وتداعياته على الاقتصاد العالمي
وفي حديثه مع "العربية بيزنس"، توقع درويش استمرار انخفاض قيمة الدولار، مشيرًا إلى أن رفع أسعار الفائدة قد يُطمئن المستثمرين مؤقتًا، لكنه لا يعالج جذور الأزمة المرتبطة بالتوترات الجيوسياسية وسوء الإدارة الاقتصادية.
وأشار إلى أن هناك عمليات سحب كبيرة من البنوك الأمريكية مؤخرًا نتيجة مخاوف المستثمرين من تكرار سيناريوهات الأزمات المالية، ما قد يدفع البنوك لاتخاذ إجراءات احترازية مشددة، كما حدث في أوروبا سابقًا مع تراجع القوة الشرائية.
مؤشر الدولار يهبط إلى أدنى مستوى منذ 3 سنوات
أظهرت البيانات أن مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام سلة من 6 عملات رئيسية، تراجع إلى أدنى مستوى له خلال 3 سنوات.
متأثرًا بتصاعد المخاوف بشأن تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية على وتيرة النمو العالمي، واحتمالية دخول الاقتصاد الأمريكي في مرحلة ركود حادة.
ضغوط سياسية على الاحتياطي الفيدرالي
أوضح درويش أن استمرار الخلاف بين السياسة النقدية للبنك الفيدرالي الأمريكي وبين الإدارة السياسية في البيت الأبيض، يزيد من قلق الأسواق.
وأكد أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مارس ضغوطًا متكررة على الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، لكن استقلالية البنك المركزي كانت حائلًا دون تدخل مباشر.
الذهب.. الملاذ الآمن وسط التقلبات
في ظل تقلبات الدولار، أكد درويش أن الذهب يستعيد مكانته كملاذ آمن للمستثمرين، مشيرًا إلى أن "الطلب المتزايد على الذهب عالميًا" رفع الأسعار إلى مستويات قياسية، حيث بلغ سعر أونصة الذهب نحو 3431 دولارًا، وهو أعلى مستوى تاريخي له حتى الآن.
وأشار إلى أن المؤسسات والدول الكبرى ما تزال تتعامل مع الذهب على أنه "وسيلة آمنة للتحول إلى النقد عند الحاجة"، وهو ما يعكس ثقة الأسواق في الذهب كأصل استراتيجي.
هل تستفيد مصر من تراجع الدولار عالميًا؟
في المقابل، يرى الخبير الاقتصادي أحمد خزيم أن تراجع الدولار عالميًا لن يكون له تأثير مباشر كبير على الاقتصاد المصري، مرجعًا ذلك إلى أن "الاقتصاد المصري منفصل فعليًا عن حركة الدولار على المستوى الدولي".
وأوضح خزيم أن أزمة الدولار في مصر أزمة داخلية بالأساس، مرتبطة بعدة عوامل أبرزها:
-
اتساع الفجوة التمويلية بين الإيرادات والنفقات،
-
تراجع معدلات الإنتاج المحلي،
-
الاعتماد الكبير على الواردات لتلبية الاحتياجات الأساسية،
-
وخروج بعض الاستثمارات الأجنبية (الأموال الساخنة) مؤخرًا قبل عودتها بشكل جزئي.
وكان سعر الدولار قد بلغ ذروته أمام الجنيه المصري مسجلًا 51.72 جنيهًا خلال الشهر الجاري، قبل أن يتراجع قليلًا إلى 51.09 جنيهًا بنهاية تعاملات اليوم، مما يعكس حالة عدم استقرار في سوق الصرف المحلي رغم التغيرات في الأسواق العالمية.
الدولار بين الهشاشة العالمية والتعقيد المحلي
تمر العملة الأمريكية بأحد أصعب فصولها الاقتصادية منذ عقود، حيث أصبحت عرضة لتقلبات سياسية حادة وخلافات داخلية ودولية، خصوصًا في ظل الصراع مع الصين، وتنامي القلق من أزمات مالية محتملة داخل القطاع البنكي الأمريكي.
وفي الوقت الذي تسعى فيه إدارة الفيدرالي للسيطرة على التضخم عبر رفع أسعار الفائدة، فإن هذه الخطوة قد لا تكون كافية لاستعادة ثقة الأسواق على المدى البعيد.
أما في الحالة المصرية، فإن تراجع الدولار عالميًا لا يعني بالضرورة تحسنًا في قيمة الجنيه أو انفراجًا في أزمة العملة، لأن المشكلة في جوهرها محلية، تتعلق بهشاشة الاقتصاد، وتراجع الإنتاج، وزيادة الاعتماد على الخارج في تأمين السلع الأساسية.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، يبدو أن التحول نحو أصول آمنة مثل الذهب قد يكون الخيار الأنسب للمستثمرين، إلى جانب الدعوة لإصلاحات هيكلية عاجلة داخل الاقتصادات المحلية لضمان الاستقرار النقدي في ظل عالم يشهد تغيرًا متسارعًا في موازين القوى الاقتصادية والمالية.
خبير اقتصادي يحذر: تخلي المستثمرين عن الدولار بات وشيكًا