الدعاء في أوقات الزلازل.. صيغ مأثورة للدعاء وقت الزلازل

الدعاء في أوقات الزلازل.. صيغ مأثورة للدعاء وقت الزلازل

تُعد الزلازل من الكوارث الطبيعية التي تثير الخوف والرهبة في النفوس، وقد شكّلت عبر التاريخ لحظات استثنائية استدعت لدى الإنسان الالتجاء إلى الله بالدعاء، طلبًا للنجاة والأمان.

وفي هذا السياق، يمثل "دعاء الزلازل" نموذجًا حيًّا للتفاعل الديني مع الظواهر الطبيعية، ويعكس بُعدًا روحيًا وإنسانيًا متجذرًا في الثقافة الإسلامية.

الدعاء كوسيلة روحية في مواجهة الكوارث

في الفكر الإسلامي، يُعد الدعاء وسيلة روحية للاتصال بالله تعالى، خاصة في أوقات الشدة والابتلاء. والزلازل من أبرز هذه الشدائد التي وردت الإشارة إليها في القرآن الكريم ضمن آيات العذاب والتذكير. يقول الله تعالى:

"أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ" (الملك: 16).

وقد ورد عن بعض السلف الصالح أنه عند حدوث الزلازل، كانوا يُكثرون من الاستغفار والدعاء، ويحثون الناس على التوبة والرجوع إلى الله، باعتبار أن مثل هذه الظواهر تذكير بعظمة الخالق وضعف المخلوق.

صيغ مأثورة للدعاء وقت الزلازل

رغم عدم ورود دعاء محدد عن النبي ﷺ مخصص للزلازل، إلا أن العلماء استنبطوا أدعية عامة تصلح لهذه الظروف، منها:

  • "اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابًا، اللهم سلِّمنا واحفظنا، وادفع عنا البلاء والمحن ما ظهر منها وما بطن."

  • "اللهم إنّا نعوذ بك من غضبك، ونسألك العفو والعافية في الدين والدنيا."

  • "اللهم اجعلنا من التائبين، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا."

ويُنصح كذلك بالإكثار من الاستغفار، والتكبير، والصدقة، والصلاة، باعتبارها وسائل روحية تعزز الطمأنينة وتعين على الثبات في مواجهة الخوف.

البعد الاجتماعي للدعاء في الكوارث

من منظور علم الاجتماع الديني، يُمثل الدعاء في أوقات الزلازل أداة جماعية للتماسك المجتمعي، حيث يتجه الناس إلى المساجد، ويتجمعون للدعاء، ويتضامنون فيما بينهم، مما يُقلل من مشاعر الهلع الفردي، ويُعزز من الشعور بالانتماء والإيمان المشترك.

الدعاء بين العلم والإيمان

ورغم أن العلم الحديث يفسر الزلازل من خلال تحركات الصفائح التكتونية، إلا أن البعد الإيماني لا يتناقض مع التفسير العلمي، بل يُكمل الرؤية من زاوية روحية.

ففي الفقه الإسلامي، يُفهم الدعاء باعتباره موقفًا تعبديًا أمام قدرة الله، وليس إنكارًا للحقائق العلمية، بل تعزيزًا لحالة التوكل والرضا في مواجهة المجهول.

يبقى دعاء الزلازل تعبيرًا عن الضعف الإنساني في مواجهة قوى الطبيعة، واستحضارًا لحقيقة الفناء وقدرة الخالق، كما يُمثل آلية روحية جماعية تمنح الإنسان الأمل والسكينة في أوقات الرعب والاضطراب.

وهو بذلك يجمع بين الإيمان والعقل، بين الحاجة إلى العلم، والحاجة إلى العون الإلهي.