عيد الأضحى 2025 في غزة ليس كسائر الأعياد. تأتي هذه المناسبة الدينية العظيمة وسط حرب مستمرة منذ أكثر من 19 شهرًا، أودت بحياة عشرات الآلاف، وشرّدت مئات الآلاف، ودمّرت البنية التحتية، بما في ذلك الأسواق والمسالخ والمزارع. في ظل هذا الواقع المرير، أصبح مشهد الأضاحي نادرًا، إن لم يكن معدومًا، بينما يخيّم الحزن والفقر والجوع على وجوه السكان، خاصة الأطفال.
الأضحية الغائبة
في السنوات السابقة، رغم الحصار والظروف الاقتصادية الصعبة، حافظ أهل غزة على طقوس العيد، وحرصوا على ذبح الأضاحي وتوزيع اللحوم على الفقراء.
أما هذا العام، فالوضع مختلف كليًا؛ فالحصار مضاعف، والمعابر مغلقة، واللحوم نادرة ومرتفعة الثمن إلى درجة يستحيل معها أداء هذه السنة.
بحسب إفادات تجار ومربين، فإن نحو 80% من مزارع المواشي قد دُمّرت خلال الحرب، بينما نفق جزء كبير من الماشية بسبب القصف أو الجوع أو غياب الرعاية البيطرية.
غياب الفرح
لم يكن غياب الأضحية هو المظهر الوحيد لفقدان العيد. فالأطفال الذين اعتادوا انتظار ملابس العيد الجديدة، لم يحصلوا هذا العام إلا على ما تم التبرع به من ملابس مستعملة، إن وُجدت. الأسواق شبه خالية، والمحلات مدمرة أو مغلقة، والناس بالكاد يجدون ما يسد رمقهم.
حتى تكبيرات العيد التي كانت تصدح من المساجد ومن مآذن غزة، صارت خافتة، وقد لا تُسمع إلا في نطاقات ضيقة، خشية القصف وغالبية المساجد مقصوفة بالفعل.
لحوم المعونات بدل الأضاحي
وفي بعض المناطق، توزع مؤسسات خيرية لحومًا مجمدة تصل عبر المعابر المحدودة، كمحاولة لتوفير بديل رمزي للأضاحي.
ومع أن الكميات محدودة ولا تكفي جميع العائلات، إلا أنها تكون بارقة أمل لبعض العائلات التي لم تذق طعم اللحم منذ شهور في ظل انتشار مجاعة قاسية في غزة.
عيد النازحين تحت الخيام
وأكثر من مليون فلسطيني يعيشون في مراكز إيواء أو خيام بدائية، بعد تهجيرهم من بيوتهم. هؤلاء يستقبلون العيد في ظروف مأساوية بلا مأوى حقيقي، بلا طعام كافٍ، بلا أمان.
وفي مثل هذا الواقع، يصبح الحديث عن أجواء عيد، نوعًا من الترف النفسي.
الإصرار على إحياء العيد
رغم كل هذا، لم يغِب تمامًا عن غزة الإصرار على إحياء العيد ولو بشكل رمزي كما في عيد الفطر 2025. فبعض العائلات حاولت إعداد كعك العيد بأبسط الإمكانيات، وبعض الشباب ارتدوا ملابس نظيفة لالتقاط صورة مع الأطفال، وبعض الأمهات زينّوا الخيام بورق ملون كنوع من المقاومة النفسية.
الأعياد وعيد الأضحى في غزة ليس كغيره من الأعياد، بل هو مناسبة تتجلى فيها معاني الصبر والتحدي. غابت الأضاحي، وغابت الملابس الجديدة، وغاب اللحم والكعك، لكن لم تغب إرادة الحياة.
ويظل أهل غزة يعيدون بما يملكون، لا بما فُرض عليهم، حاملين في قلوبهم أملًا بأن يأتي العيد القادم وقد زال الحصار وتوقفت الحرب.
عيد الأضحى في الحرب.. كيف يستقبل أهالي غزة العيد بلا أضاحي؟