تمكن الشاب أسامة فرحات (18 عاماً) من اجتياز مرحلة الثانوية العامة بمعدل 90% وبذلك أدخل الفرحة على قلب أسرته، التي كانت تأمل بأن يكون واحداً من العشر الأوائل على القطاع، ليتمكن من الحصول على منحة دراسية تغطي نفقاته الدراسية عبر وزارة التربية والتعليم العالي.
يطمح الطالب فرحات بدراسة تخصص صحافة وإعلام باللغة الإنجليزية منُذ طفولته. وتبلغ قيمة الساعة الدراسية لهذا التخصص 20 دينارا أردنيا لعدد ساعات يتجاوز 140 ساعة خلال سنوات البكالوريوس الأربع، بإجمالي تكلفة تصل تقريبا 3 آلاف دينار.
الرقم الآنف يشكل صدمة بالنسبة لأسرة فرحات التي تعتمد في إنفاقها على ما يعرف بـ"شيك الشؤون الاجتماعية، (منحة حكومية دورية تغطي الحد الأدنى من احتياجات الفقراء)، الذي تتوكل بصرفه وزارة التنمية الفلسطينية عبر البنوك المحلية.
وتعد المنحة الدراسية بمثابة طوق نجاة للطالب فرحات، للهروب من وحل العمل الشاق، قائلاً: "الحصول على منحة هي فرصتي للتميز والتقدم، لأن البديل هو الاتجاه للعمل كبائع في أحد الأسواق الشعبية في غزة ".
لا يختلف طموح أسامة عن تسنيم عويضة التي حصلت على معدل 96% في مرحلة الثانوية العامة للعام الحالي، ولكن لم يحالفها الحظ بالحصول على منحة دراسية، تستطيع من خلالها إكمال مسيرتها التعليمية.
تقف عويضة عاجزة عن دخول معترك التعليم الجامعي، حيث أن أسرتها غير قادرة على دفع تكاليف الدراسة، لاسيما أن أبيها متعطل عن العمل منذ ثلاث سنوات.
وفي غمرة اليأس، مد أحد فاعلي الخير يده متبرعاً ببعض التكاليف الدراسية وهو أمر يمكنها من توفير الحد الأدنى من مستلزمات الدراسة، غير أن الاحتياج سيظل قائماً في السنوات الدراسية اللاحقة.
ووفقاً لوزارة التربية والتعليم، فإن أن عدد المتقدمين للامتحان في الفروع كافة بلغ في الأراضي الفلسطينية (85.302) مشترك ومشتركة، نجح منهم (58.107) مشترك ومشتركة. بنسبة نجاح بلغت 68.12%.
غير أن ما يضاعف مأساة الناجحين من قطاع غزة، هو أن نصف السكان يعيشون على المساعدات الإنسانية وفق إحصاءات دولية، الأمر الذي يعجز الكثير منهم عن مواصلة مشواره العلمي.
ويتعارض هذا الواقع مع الحق في التعليم الذي ينص عليه، القانون الأساسي للسلطة الوطنية الفلسطيني في المادة 24 على أن: "التعليم حق لكل مواطن، وإلزامي حتى نهاية المرحلة الأساسية على الأقل ومجاني في المدارس والمعاهد والمؤسسات العامة. تشرف السلطة الوطنية على التعليم كله وفي جميع مراحله ومؤسساته وتعمل على رفع مستواه.
في الغضون، أوضح مدير دائرة المنح الدراسية في وزارة التربية والتعليم أحمد بركة، أن عدد المنح المقدمة من الوزارة لعام 2022، بلغ عددها 350 منحةً مقدمة من مجلس الوزراء والرئيس الفلسطيني محمود عباس، في تخصصات تراعي احتياجات سوق العمل، "ولكن من حالفهم الحظ للحصول على منحة هم الثلاث الأوائل على فرعي (الأدبي، والعلمي)، والأول من فرع (المهني _ الشرعي).
وقال بركة في سياق حديثه مع آخر قصة: "تًقدم المنح الدراسية بضوابط ومعايير تراها الوزارة مناسبة لطلاب، توضع في بنود تسجيل للمنحة عبر موقع الوزارة "، مضيفًا: "بإن الوزارة تبذل جهدًا في تقديم كافة المساعدات في إطار صلاحيتها".
ودعا بركه المؤسسات الخيرية ورجال الأعمال والحكومة الفلسطينية، لإكمال دعمهم للطلاب المتفوقين الذين لم يحالفهم الحظ بالحصول على منحة دراسية، من أجل مواصلة تعليمهم الجامعي.
تجدر الإشارة إلى أن عدداً كبيراً من الطلبة المتفوقين الذين أثيرت ظروفهم المعيشية والاقتصادية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تعكس حقيقة عدم تمكنهم من تلقي التعليم، قد حظوا بمساعدات غير رسمية من قبل رجال أعمال، والبعض منهم حصلوا على تبرعات بالمستلزمات الخاصة بالدراسة الجامعية.