تركت الفنانة دنيانا العمور (22 عاماً) مجموعةً من اللوحات الفنية على صفحاتها على موقع التواصل الاجتماعي. قالت: "من جهتي لا أفعل شيئاً مدهشاً، ولكنّي أحاول وسط هذه العزلة، أن أجعل الحياة ممكنة التحمل"، لكنها في واقع الأمر لم تعد الحياة ممكنة بعد أن أصابتها قذيفة صاروخية أودت بحياتها مساء أمس الجمعة 5 أغسطس.
ومن الواضح أن الفنانة العمور وهي طالبة في كلية الفنون الجميلة بجامعة الأقصى بغزة، كانت تحاول بلوحاتها، المتشبثة بالأمل، احتمال الحياة مع أكثر من أثني مليون نسمة يعيشون في قطاع غزة تحت وطأة الحصار منذ 15 عاما.
واستهدف الطيران الإسرائيلي منزل الفنانة العمور، مساء الجمعة بعد إعلانه شن عملية عسكرية على حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، الأمر الذي أدى إلى سقوط عشرة شهداء في الساعات الأولى من العملية بينهم الفتاة "العمور" وطفلة أخرى لم تتجاوز 5 أعوام تدعى آلاء قدوم.
وكانت قد حاولت الفنانة دنيانا تجسيد حالة الخوف والفزع التي أعقبت الحرب الاسرائيلية في بداية الصيف الفائت (أيار/مايو 2021) على غزة، في وجوه عديدة واجمة رسمتها بالأبيض والأسود ونشرتها عبر صفحتها على فيسبوك، غير أن العدوان الحالي حرمها من ممارسة أي عمل فني جديد.
وفي لوحات أخرى تسيطر عليها الخيبة لوجه يتوارى نصفه خلف جدار، كتبت الفنانة العمور وهي من سكان قرية الفخاري أقصى شرق محافظة خانيونس جنوب قطاع غزة، إن فيها "انتظار" وظل مفهوم الانتظار متوارياً في قلب "دنيانا" إلى أن توقف. وكررت مقولتها في أكثر من منشور: "أخبروا أحلامنا أننا لن نتوب عنها حتى نصلها".
وأثار استشهاد الفنانة العمور، إلى جانب عدد من الشهداء حزناً عميقاً في قطاع غزة. وقدمت مجموعة من المؤسسات الرسمية والأكاديمية والأهلية، نعياً بفقدان الفنانة الشابة.
ونشر الكاتب محمود جودة، مجموعة من صور الفنانة العمور، وعقب قائلاً: "هذه مجموعة من لوحات الفنانة دُنيانا العمور .. فتاة من غزة كانت تدرس في كلية الفنون الجميلة وتحب الألوان. بالأمس كانت في منزلهم، ربما كانت تفكر في رسمة جديدة تحاول فيها التحليق بعيدًا عبر الألوان والورق وخيال اللغة.. كل الاحتمالات والأفكار كانت مطروحة لإنتاج لوحة جديدة، لكن الدبابة التي كانت تقف على مقربة منها كان لها رأي آخر.. قذيفة قتلت الفتاة، وحولتها إلى صورة معلقة في صدر الذاكرة.. لوحة جديدة لم تكن في الحسبان استخدم فيها الاحتلال: جندي ودبابة وقنبلة".
وأضاف الكاتب جودة: "موت فتاة في المدينة يعني أن قصيدة لن تكتب، ولوحة لن ترسم، وحب تيتَّم، وحضن تأجل، وحزن مضارع الفعل لا يتوقف!".
من جهتها، أكدت وزارة التربية والتعليم العالي في قطاع غزة، أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد قتل الأطفال والطلبة في انتهاك صارخ لكافة المواثيق والأعراف الدولية.
وأوضحت الوزارة في بيان لها تلقت آخر قصة نسخة عنه االيوم السبت، أنه سُجّل خلال الساعات الماضية استشهاد طفلة الروضة آلاء قدوم، وطالبة الجامعة دنيانا العمور، وإصابة العشرات من الطلبة بجروح متنوعة، ناهيك عن الإرهاب النفسي الذي تقوم به قوات الاحتلال بحق الأطفال.
ودعت منظمة الأمم المتحدة ومنظمات الطفولة واتحادات الجامعات الدولية، إلى ضرورة التحرك لوقف العدوان ومحاسبة الاحتلال على عدوانه تجاه الأطفال والمؤسسات التربوية.