سؤالٌ للأونروا: لماذا حصرتم المرح بين جدران المدارس؟

سؤالٌ للأونروا: لماذا حصرتم المرح بين جدران المدارس؟

رغم استفادة المئات من الأطفال اللاجئين من مخيمات (أسابيع المرح الصيفية) التي أقامتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، خلال عطلة نهاية العام التي شارفت على الانتهاء، لكن الكثير منهم تساءلوا: لماذا تقام هذه المخيمات داخل جدران المدارس، بدلاً من الأماكن المفتوحة والخضراء؟.

وقال عددُ من هؤلاء الأطفال إنّ قضاءهم المخيمات الصيفية التي تستمر لثلاثة أسابيع داخل المدارس، تفرض عليهم شعور البيئة الصفية والجو الدراسي المفعم بالضغط والامتحانات والتكاليف الدراسية المُرهقة؛ الأمر الذي يُفقدهم الشعور بالمتعة والمرح. 

وعلى الرغم من توجه أونروا، القائم على أن تكون مخيمات ألعاب الصيف، هدفها في المقام الأول إلى الترفيه وتقديم الدعم النفسي للأطفال اللاجئين في قطاع غزة، بالإضافة إلى تعزيز البيئة الآمنة بعيدًا عن الأجواء الأمنية والسياسية المتوترة في معظم الأحيان. لكن عددًا من الأطفال تساءلوا كيف يمكن تحقيق هذا الهدف داخل المدارس وفي بيئة محدودة المساحة، لأكثر من 130 ألف طفل يشتركون في هذه المخيمات من كافة محافظات القطاع بمن فيهم أطفال ذوي إعاقة؟

يقول محمد صيام (12 عامًا) الذي يقطن في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، إنّ مخيمات ألعاب الصيف التي تُقام في المدارس، تُعيد إلى ذاكرته أوقات الدراسة وتكليفه بحلّ واجباته وقراءة الدروس والتركيز فيها، داخل جدان التعليم التي ما لبث أن خرج منها مؤخرًا.

وأبدى الطفل رغبته في أنّ تقيم الأونروا "أسابيع المرح" خارج أسوار الجدران الملونة بالأزرق والأبيض، قاصدًا الأماكن الواسعة كالبحر والحدائق التي تؤثر على نفسية الفرد وتبعث الراحة والهدوء.

الطفلة ايمان الخطيب (12 عامًا) أيضًا وافقت صيام الرأي، وتمنت لو أن المخيمات الصيفية جاءت في أماكن مختلفة عن أروقة المدرسة التي تخلوا من المرح و تأخذ طابع الجدية في معظم الأحيان. 

ويأتي الأطفال إلى المخيمات للترفيه بعيدًا عن أجواء المنزل الروتينية والمملة في الصيف، بحسب الخطيب التي عبّرت عن ذلك بالإضافة إلى ما أشارت إليه عن نفسيتها وزملائها المتردية بفعل العدوان الأخير وحاجتهم للتفريغ النفسي، وقالت: "جاء العدوان في شهر مايو وبمجرد انتهائه عدنا للدراسة والاختبارات فورًا فزاد الضغط علينا".

وتسببت العدوانات المفرقة على قطاع غزة المحاصر منذ أكثر من 16 عامًا، بصدمات إلى الأطفال وأدت لاضطرابات نفسية لدى العديد منهم، وقد أثرت على ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.

يبدو تأثر الأطفال واضحًا نتيجة هذه الظروف إذ تُشير دراسة حديثة للأونروا أن 38% من الأطفال في قطاع غزة يعانون من أعراض اضطراب وظيفي تؤثر على حياتهم اليومية".

هذا الأمر انعكس بوضوح على آراء الطلاب المشاركين في المخيمات، إذ انضمّ إلى جانب الطفلين صيام والخطيب، الطفلة سعاد العيساوي (11 عامًا) من مخيم دير البلح وسط قطاع غزة، التي عبّرت عن حبها وانتظارها المخيمات الصيفية كل عام، لكنها لم تُخف قلقها من هاجس الدراسة الذي يُلاحقها أثناء ممارسة الأنشطة والألعاب.

شاركها زميلها مصطفى سالم (10 سنوات) ذات المشاعر، وقال في سياق حديثه لـ "آخر قصّة": "أحب المخيم الصيفي داخل المدرسة بسبب وجود لعبة الماء التي أحبها فقط، وبانعدام وجودها لن أتوجه له".

تتنافى إقامة المخيمات داخل البيئة المدرسية، مع احتياجات هؤلاء الطلبة ومع ما تنصّ عليه المادة (35) من قانون الطفل الفلسطيني، بأنّ للطفل الحق في المشاركة الواسعة في تحديد وتنفيذ البرامج الترفيهية والثقافية والفنيّة والعلمية، وكذلك مع الجانب النفسي الذي أشارت إليه المادة (65) بأنّ كل عمل يهدد حياة الطفل أو سلامته أو صحته البدنية أو النفسية بشكلٍ لا يمكن تلافيه مع مرور الوقت هو خطر محدّق.

واتفق جميع الأطفال الذين قابلتهم "آخر قصّة" أنّ البحر مكان واسع وجميل واختيار رائع لإقامة المخيمات فيه لا سيما ألعاب الماء التي تتضمنها أسابيع المرح؛ الأمر الذي يخفف عنهم مع مياه البحر ورماله موجات الحرّ في فصل الصيف الحالي وتأثيراتها الشديدة على صحتهم البدنية والنفسية.

لذلك، توجهت مراسلة "آخر قصّة" إلى زاهية جاد الله إحدى القائمات على مخيمات ألعاب الصيف في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، للتعرّف عن أسباب اختيارهم المدارس مكانًا لإقامة المخيمات ومدى إمكانية تغيير الأماكن في السنوات القادمة.

وقالت جاد الله إن اختيار المكان جاء كونها أماكن آمنة؛ ما يسهل استقطاب أكبر عدد من الأطفال، لأن مدارس الأونروا موزعة على كافة محافظات القطاع، بحسب تعبيرها.

وعن إمكانية اختيارهم مساحة واسعة وخضراء أو شاطئ البحر لإقامة المخيمات، فأشارت جاد الله إلى أنّ هذه مناطق بعيدة عن أماكن إقامة الأطفال داخل الأحياء السكنية؛ مما قد تحرم عددًا من الطلبة من المشاركة والاستفادة والترفيه.

واهتمت "الأونروا" خلال هذا الصيف، بحسب جاد الله، في إنشاء زوايا للتفريغ النفسي للأطفال خلال "أسابيع المرح"، لتخليصهم من آثار العدوان الإسرائيلي، وذلك من خلال اللعب والتلوين والأشغال والدبكة وتطوير المهارات.