موسم الحج والسياحة الدينية.. كيف غيّرت السعودية أولوياتها؟

موسم الحج والسياحة الدينية.. كيف غيّرت السعودية أولوياتها؟

في السنوات الأخيرة، وخصوصًا مع رؤية السعودية 2030، لم يعد موسم الحج والعمرة مجرد مناسك دينية تؤدى فحسب، بل تحوّل إلى رافعة اقتصادية وسياحية كبرى.

وتسعى المملكة من خلالها إلى تنويع مصادر الدخل الوطني وتقليل الاعتماد على النفط.

ومع موسم الحج لعام 2025، يتضح أن السياحة الدينية باتت تحتل موقعًا محوريًا في الاستراتيجية السعودية الجديدة، ما أحدث تغيرًا ملحوظًا في المشهد العام للحج، من حيث الخدمات المقدمة، والبنية التحتية، والتجربة التي يعيشها الحاج من لحظة الوصول وحتى المغادرة.

من شعيرة إلى تجربة متكاملة

تصف السلطات السعودية الحج اليوم بأنه "تجربة روحية وثقافية وخدمية متكاملة". لم يعد الأمر مقتصرًا على أداء المناسك، بل يشمل زيارة معالم إسلامية وتاريخية، والاستفادة من الخدمات الذكية، واكتشاف جوانب من التراث والثقافة السعودية.

وقد شهدنا هذا العام تنظيم جولات سياحية دينية داخل المدينة المنورة ومكة، مثل زيارة مواقع بدر وأحد والخندق، ومتحف السيرة النبوية، إلى جانب معارض تفاعلية تعكس تاريخ الحج عبر العصور.

بنية تحتية بمواصفات عالمية

خصصت السعودية مليارات الريالات لتطوير البنية التحتية في مكة والمدينة والمشاعر المقدسة.

فقد توسعت شبكة القطارات، وأُنشئت فنادق ومنشآت استقبال ذات طراز حديث، ووفرت خطوط مواصلات ذكية تربط المطارات بالحرم مباشرة.

وهذا التطوير لم يقتصر على الجانب الخدمي فحسب، بل رافقه اهتمام بالجانب الجمالي والمعماري الذي يُشعر الحاج بأنه في قلب تجربة فريدة.

تسويق الحج عالميًا

عملت الجهات الرسمية على تسويق الحج والعمرة عالميًا، من خلال معارض ومؤتمرات تُقام في دول إسلامية وأجنبية، لعرض ما توفره المملكة من تسهيلات وابتكارات.

كما استُحدثت منصات إلكترونية موحدة لتسجيل الحجاج والحصول على التأشيرات وتحديد الباقات، بما يسهّل الوصول إلى الشعائر من أي مكان في العالم. الحج لم يعد فقط شعيرة، بل منتجًا دينيًا عالي الجودة يُدار بعقلية اقتصادية وسياحية.

وما بين التوسعة، والخدمات الذكية، والترويج العالمي، تبدو السعودية مصممة على جعل الحج ليس فقط فريضة تُؤدى، بل تجربة دينية وسياحية متكاملة.

وبهذا، ترسم المملكة ملامح مرحلة جديدة من إدارة الشعائر، حيث تلتقي الروحانية بالتقنية، والإيمان بالتخطيط، في مشهد غير مسبوق في تاريخ الحج.