غفران الذنوب في الحج- ما الذي يُغفر وما لا يُغفر؟

غفران الذنوب في الحج- ما الذي يُغفر وما لا يُغفر؟

مع اقتراب موسم الحج لعام 2025 (1446 هـ)، يتجدد الحديث حول فضل الحج ومكانته العظيمة في الإسلام، ويدور في أذهان الكثير من المسلمين سؤال مهم: هل يغفر الحج كل الذنوب، بما في ذلك الكبائر؟ سؤال شرعي يتكرر كل عام، خاصة من الراغبين في أداء الركن الخامس من أركان الإسلام.

وفي هذا السياق، جاءت توضيحات الداعية الإسلامية الدكتورة دينا أبوالخير لتسلط الضوء على هذه المسألة الفقهية الهامة وتكشف حقيقة ما يغفره الحج من الذنوب.

الحج يغفر الذنوب.. ولكن!

أكدت الدكتورة دينا أبوالخير، في تصريحاتها خلال برنامج "وللنساء نصيب" على قناة صدى البلد، أن من يؤدي مناسك الحج كاملة كما أمر الله، يعود من حجه "كيوم ولدته أمه"، أي خاليًا من الذنوب، بحسب ما ورد في الحديث الشريف.

لكنها أوضحت أن هذا الغفران المطلق يخص الذنوب الصغيرة والمعاصي التي ليست من الكبائر، حيث يوجد خلاف فقهي بين العلماء حول ما إذا كانت الكبائر تُغفر بالحج أم لا.

هل يشمل الغفران الكبائر؟ اختلاف بين العلماء

بيّنت الداعية الإسلامية أن هناك رأيين بين الفقهاء في هذه المسألة:

الرأي الأول: يرى أن الحج لا يغفر الكبائر، ويستند إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم:

"الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر".

وهذا الحديث يدل على أن مغفرة الذنوب مرهونة بترك الكبائر.

الرأي الثاني: يرى أن الحج يغفر جميع الذنوب، حتى الكبائر، ويستدل بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم:

"من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه".

وهو حديث يدل على الغفران التام، بشرط الابتعاد عن الفسوق والرفث.

التوبة شرط لغفران الكبائر

وأشارت الدكتورة دينا إلى أن من ارتكب كبيرة من الكبائر، مثل الظلم أو أكل أموال الناس أو القطيعة أو غيرها، فعليه أن يتوب توبة صادقة قبل أداء الحج. فالإصرار على الذنب الكبير وعدم التوبة عنه يمنع تحقّق الغفران الكامل.

كما شددت على ضرورة رد المظالم إلى أهلها قبل التوجه إلى بيت الله الحرام، إذ أن الظلم من أعظم الذنوب التي تُظلم بها القلوب وتُثقل بها الصحائف يوم القيامة. فـ"الظلم ظلمات يوم القيامة"، كما ورد في الحديث النبوي.

في النهاية، فإن الحج فريضة عظيمة، وفرصة نادرة لمحو الذنوب والتقرب من الله تعالى. لكن شروط المغفرة ليست آلية أو تلقائية، بل تتطلب من المسلم توبة صادقة، وصفاء نية، ورد الحقوق لأصحابها. فالدين لا يقوم فقط على الشعائر، بل على القلوب النقية والسلوك الصالح.

من المهم أن نُقبل على الحج وقد طهّرنا أنفسنا من الكبائر والظلم، وطلبنا العفو من الله والناس، حتى يكون حجنا مبرورًا، وسعينا مشكورًا، وذنبنا مغفورًا.