شقيقان من غزة يعملان على تجبير الطيور والحيوانات

 شقيقان من غزة يعملان على تجبير الطيور والحيوانات

عندما كسرت ساق قطة الطفلة أمل (8 سنوات)، لم تجد أمامها إلا باب معمل الخالدي للتجبير والأطراف الصناعية، ظناً منها أنّ بمقدور طاقم المعمل صنع جبيرة لإنقاذ حياة القطة.  

في البداية، رفض طاقم العمل تقديم الخدمة على اعتبار أنه معمل متخصص لتقديم خدمات التجبير الصحية البشرية، غير أنه استجاب تحت وطأة بكاء واستجداء الصغيرة أمل: "عمو أنت بتعالج .. حرام عالج البسة بلاش تموت".  

مختص الجبائر والأطراف الصناعية محمد الخالدي، قام من فوره وبمساعدة توجيهات مختص بيطري بعمل جبيرة للقطة، وتمكن من إنقاذ حياتها.

كانت هذه الواقعة التي حدثت قبل عام واحد، فاتحة للعمل في مجال تجبير الحيوانات والطيور بالنسبة للمختص الخالدي. 

يقول الرجل الذي بدأ قبل 12 عاماً مهنته في تجبير العظام البشرية، وصناعة الأطراف الصناعية، إلى جانب تجهيز وبيع الأدوات المساعدة للأشخاص ذوي الإعاقة، إنه تحفز لعمل الجبائر للحيوانات بدافع إنساني فقط، وليس ماديا. 

وأشار إلى أنه عزز خبرته بالبحث والاطلاع اعتماداً على الدراسات المنشورة حول تجبير الحيوانات والطيور، لافتاً إلى أن أمر الاهتمام بالحيوانات غير شائع في قطاع غزة، الذي بلغت فيه نسبة الفقر أكثر من 50% وفق آخر إحصاءات.

وقال الخالدي (37 عاماً) من سكان محافظة رفح أقصى جنوب قطاع غزة لـ آخر قصة: "اضطريت لعلاج بعض الحيوانات والطيور، رغم أن هذا ليس تخصصي الأساسي، ولكن واجهت عدة حالات وطلب مني معالجتها من أصحابها، واضطررت لذلك بدافع الرفق بالحيوان".

ويشير إلى أنّ عدم معالجة الحيوانات والطيور من الكسور التي قد تصيبها، يؤدي إلى نفوقها بسبب المضاعفات، غير أن اجتهاده في هذا الإطار جاء اعتمادا على مساعدة شقيقه يوسف، وهو خريج من هندسة إنتاج نباتي وحيواني.

يقول يوسف: "في حال تم الطلب منا معالجة طير أو حيوان، نقوم بفحصه من أي جروح أو كسور، ونحاول معالجته من خلال صناعة جبيرة بحسب مقاسات مناسبة للحالة"، مشيرًا إلى فئة قليلة من السكان يهتمون بالاقتناء والاعتناء بالحيوانات الأليفة أو التي تتبع فصائل نادرة وغريبة.

وأوضح أنّ الغالبية العظمى من الأطباء البيطريين يلجئون لعمليات البتر للطيور والحيوانات التي تصاب بكسور، وهي الطريقة الأسهل التي قد تحميهم من أيّ مضاعفات قد تؤدي إلى نفوقهم، إلا أنها تصيبهم بعاهة مستديمة، تضعف قدرتهم على الحركة، قائلاً: "الكثير من حالات بتر الحيوانات والطيور من الممكن معالجتها بالتجبير بدلاً من عمليات البتر".

محمد الخالدي لا يمكنه استقبال الحالات المرضية من الحيوانات في معمله الخاص بتقديم خدمات صحية بشرية، ولهذا يفضل معالجة الحيوانات في أماكن تواجدها، مبيناً أنه عمل على معالجة عشرات الحالات لقطط وكلاب وأنواع مختلفة من الطيور، وحتى معالجة أسد عانى من كسر في القدم.

وتواجه محمد الكثير من العقبات والتحديات في عمله، أبرزها منع إدخال بعض المواد الخام الأساسية اللازمة لعملية صناعة الأطراف من قبل الاحتلال الإسرائيلي الذي يسيطر على معابر القطاع التجارية، الأمر الذي يجبره على استخدام بدائل متاحة لمساعدة حالات البتر في الحصول على أجهزة مساعدة للحركة بأقل التكاليف. 

في كثير من الأحيان يلجأ الأخوان الخالدي استشارة أطباء بياطرة، للإشراف على تركيب الجبائر وأخذ قياسات دقيقة قبل صناعتها، مع الإشارة إلى أن العمل مع الحالات البشرية يحتاج لمتابعة طويلة تمتد لعدة جلسات خلال بضعة أشهر، بينما العمل مع الحيوانات والطيور لا يحتاج لأكثر من جلستين للحالة التي يعملان عليها بدافع الشفقة والرحمة الإنسانية، بشكل مجاني، أو بتكلفة رمزية.