5 سلوكيات غريبة يفعلها الناس في مناطق النزاع

الإفراط في الأكل واحدة منها 

 5 سلوكيات غريبة يفعلها الناس في مناطق النزاع

في الوقت الذي لا يكف فيه الطيران الإسرائيلي عن التحليق المكثف في أجواء قطاع غزة بحثاً عن هدف، لم تتوقف محاولات محمد عليان (26 عاماً) عن زيارة المطبخ بحثاً عن طعام.

لم ينتبه عليان أنه أفرط في تناول الطعام، فقد تناول خلال يوم واحد بالتزامن مع التصعيد الاسرائيلي الحاصل على غزة، أكثر من خمس وجبات؟، تضحك زوجه وتقول: "أخشى أن تلتهم طفلك إذا لم تجد ما تأكله بعد قليل". وعرف عن الشاب النحيف أنه يتناول وجبتين يومياً فقط، فيما لا يجد تفسيراً واضحاً لما يفعله الآن، نتيجة الإحساس الدائم بالجوع، رغم أنه قال لا ابذل جهداً واكتفى بمتابعة الأخبار عبر الهاتف".

بموازاة الشاب عليان، تشعر سماح محمود (18 عاماً) بانزعاج شديد نتيجة إحساسها الدائم بالحاجة إلى التغوط وما يعقبه من زيارة للحمام أكثر من عشر مرات خلال اليوم لقضاء الحاجة، خلال زمن التصعيد الاسرائيلي الذي استهدف فيه أكثر من 15 مدنياً فلسطينياً من أحياء متفرقة بقطاع غزة. 

ولا تعرف الفتاة سبباً لهذا السلوك، غير أنها تقول إنها أنها تصبح مصدر تهكم شقيقاتها، واللواتي يسخرن منها بالقول: "يمكنك المبيت هناك فهو بيت الراحة". 

وفي الوقت الذي يصبح فيه الأشخاص أصحاب هذه السلوكيات مصدرا للتندر، لا يدرك آخرون أن هذه السلوكيات وغيرها والتي تبدر عن معظم الناس في الأوقات المتوترة، هي لا إرادية وذات تفسير سيكولوجي واضح.

السلوك الأول: 

ويعد أول هذه السلوكيات التي أشار إليها مختصون نفسيون بما يُمارسه الأفراد تحت الأزمات والظروف الطارئة، هي الإفراط في تناول الطعام، إذ يُعد الطعام أحيانًا مساحةً للهروب من القلق والتخلص من مشاعر الخوف التي تُلاحق الشخص، دون اكتراثٍ منه لتأثيرات ذلك على الصحة الجسدية.

وفسرت المختصة النفسية والاجتماعية فلسطين ياسين، أسباب هذا السلوك بأن شعور الإنسان بالخوف ينتج عنه ارتفاع في هرمون الخوف أو ما يُسمى علمياً "الأدرنالين" وهو ما له تأثيرات وأبعاد كثيرة قد تتسبب في زيادة الطاقة العضلية أو انتكاسها وغيرها، حسبما قالت. 

السلوك الثاني: 

أما السلوك الثاني الأكثر شيوعًا بين الناس في وقت الحروب، هو كثرة التردد على المرحاض والحاجة إلى التغوط، إذ يُشير أطباء إلى أنّ الخوف والقلق المستمر يُمكنه زيادة احتمالية تهيج القولون العصبي لدى الأفراد، والذي غالبًا ما يكون مصاحبًا بالإسهال أو الإمساك.

وتوافق ذلك التحليل مع ما أشارت إليه المختصة ياسين والتي قالت لـ "آخر قصّة"، "بشكلٍ عام يزداد إفراز هرمون الخوف عندما نمر بحادثة طارئة أو مباغتة فنجد البعض يعبرون عن مخاوفهم بأشكال متعددة و باضطرابات سلوكية لا إرادية منها الدخول المتكرر للمرحاض".

وقالت ياسين إنّ سلوك التردد على المرحاض رائج جدًا بين الصغار والكبار لأن انفعالاتنا وتعابير جسدنا السلوكية مرتبطة جدًا بحالتنا النفسية، وبينّت أن الجسد في وضعه الطبيعي تسيير أجهزته العصبية وهرموناته بشكلٍ سليم لكن في الأوقات الطارئة تظهر عليه التغييرات الكاملة والتي تنعكس على تصرفاتنا.

السلوك الثالث: 

كذلك يشاع بين النساء تحديدًا إدمان الكثير منهم لاسيما النساء، التنظيف والترتيب، فتجد الواحدة منهن على وقعِ الغارات والقصف المحيط هنا وهناك تُجري عمليات تنظيف فورية وعميقة للمنزل وتمسح الارضيات وترتب الملابس، وتعيد ياسين ذلك إلى أن البعض يجدون لديهم طاقة عضلية عالية واستعدادًا لتوضيب واسع للبيت "وهي سلوكيات لا يقومون بها عادةً أو بشكلٍ روتيني"، حسبما قالت.

فيما فسّر مختصون أنماط بعض الأشخاص في معالجة التوتر بالتنظيف من خلال تخلصهم من الشحنات والأفكار السلبية الطارئة على أدمغتهم في وقت الحروب بالأعمال المنزلية المُجهدة حفاظًا على الطاقة الإيجابية في دواخلهم.

السلوك الرابع: 

على نحوٍ مختلف قد ينشغل الكثير بممارسة الألعاب في ظلّ التوتر الأمني المُحيط، ومنها لعب الكوتشينة الذي يحوز على فئة كبيرة، وذلك في محاولةٍ لإلهاء أنفسهم عما يدور في الخارج غير مدركين تأثيراته من ناحية احتمالية إدمان اللعب أو تبلد الشعرو. غير أن، المختصة النفسية ياسين أشادت بدور الألعاب والأنشطة الفعال في التخفيف من التوتر. 

السلوك الخامس: 

وأخيرًا يُصاب العديد من الأشخاص بحالات من الضحك الهستيري عند القلق الذي ينتج عنه فرط المشاعر المُعاكِسة أو غير المرتبطة بالحدث نفسه، رغم أن البعض يرى في الضحك ما يُخفف من حدّة الضغط النفسي.

إلا أنّ ياسين علّلت الضحك المبالغ فيه علميًا بالإشارات العصبية التي تصل الدماغ فيُحدث الشخص نفسه بأنّه هادئ؛ مما يُفقده الوعي والتقدير للحدث المخيف بشكلٍ غير إرادي.

وأشارت المختصة النفسية إلى مجموعة من الخطوات للتغلب على المخاوف خلال فترة الأزمات، في مقدمتها ضرورة إقناع أنفسنا بأنّ جميع ما نمرّ فيه من مراحل خوف هي مشاعر طبيعية فالخوف يحمي أجسادنا ويُعيدنا إلى فطرتنا السليمة. 

وشددت ياسين على أهميّة التنفس العميق في إعادة التوازن لأعضاء الجسد وردود فعله المتغيرة عن طريق إيصال الدماغ بكمية إضافية من الأكسجين.

إضافة إلى ذلك، يعتبر تفوه الشخص بكلمات إيجابية تشحن طاقته وتمنحه مزيدًا من الراحة والأمان والاطمئنان عاملًا مهمًا في التغلب على القلق، إلى جانب ضرورة التعبير عن المشاعر بالحديث والفضفضة والابتعاد قدر الإمكان عن كتمانها دون بوح.

واختتمت ياسين حديثها قائلة، "من المهم التعبير عن توترنا للأشخاص المقربين، وعلينا أيضًا تمرين أطفالنا على ذلك فهم بحاجة لطاقة كبيرة منّا في هذه الحالات لأنهم لا يمتلكون قدرة على التعبير وسرد التفاصيل".

ودعت المختصة النفسية إلى استخدام البالغين أساليب مع الأطفال تدفعهم لتفريغ مشاعرهم ومنها الرسم والتلوين وممارسة والألعاب، وضرورة مدّهم بالشعور بالأمان من خلال العناق ومحاولة طمأنتهم وممارسة أنشطة مشتركة معهم.